لقاء الدموع

لقاء الدموع
رحلة إلى مكة المكرمة ... أطهر البقاع على وجه الأرض ..
هناك حيث تختلط المشاعر " العواطف الوجدانية " بالمشاعر " الأماكن المقدسة " والشعائر ..
هناك حيث لا يصح طواف بغير حرمها ولا يعظم سعي إلا في رحابها
في قربها تبذل المهج وفي جوارها ترخص الدنيا
أي ديار تلك الديار حتى تسلب قلوب وعقول زائريها
ويستوي عندهم النوم واليقظة والليل والنهار والجوع والشبع ؟!!
ما إن تقبل عليها وترى مآذن الحرم حتى تتسابق الدموع من عينيك ولسانك يلهج بالدعاء
اللهم زد هذا البيت مهابة وتشريفاً
تسرع بالخطى فتغمرك من الهيبة والتعظيم حينما ترى الكعبة ..
تتخيل روحك - وأنت تطوف - معلقة بالسماء لفرط لهفتك و عظيم اشتياقك
تنقضي الأشواط السبعة وما انقضت حاجتك إذا صليت ركعتين فما إن تستفتحها بالتكبير حتى ولى عنك كل كبير متجبر فالله أكبر وأعظم ..
وفي الفاتحة تحلو مخاطبة الرب جل وعلا ومخاطبة الرب لك وحدك ..
ومن يصبر عن : ولعبدي ما سأل ..
وفي الركوع ذلة لا تكون لغير الله ذي الكبرياء والعظمة ..
وفي السجود استكانة وخضوع وتمكين للأرض من أكرم الأعضاء ( الوجه )
وهناك في السعي تتجرد من كل ميل للدنيا
وتعتصم بحبل رجائه وحبه وخوفه سبحانه
والالتجاء إليه والتضرع بين يديه
فلا كاشف للغم إلا هو ولا يتسع الرجاء إلا فيه جل وعلا
" أنا عند ظن عبدي بي "
كل شيء في مكة له مذاق خاص حتى الهواء وحرارة الشمس..
وحين يوقظك الشوق إلى رحاب حرمها قبل الفجر تأتي لتسابق خطى المحبين لهذه البقعة من الأرض
فتحظى هناك بلحظات هي خير من الدنيا وما فيها هي فضل امتن الله به عليك وسلبه آخرين
وبينما أنت في لحظات يحسدك عليها المحرومون إذ بصوت رخيم يطرق سمعك
بنداء الفجر
وكما هي لحظات السعادة لا تدوم لم تدم الرحلة
فتغادر تلك البقاع بالدموع كما عانقت عيناك جبالها ووهادها وأرجاءها وحرمها بالدموع
فحق لك أن تسميه لقاء الدمــوع .. وحق لك أن تدعو
" اللهم لا تجعل هذا آخر العهد ببيتك الحرام "